كيف ستتأثر إدارة الأصول بأزمة جائحة كوفيد-19؟

كيف ستتأثر إدارة الأصول بأزمة جائحة كوفيد-19؟

بقلم ريتشارد دنبار (*)

تصنف جائحة كوفيد-19 كحادثة غير مسبوقة عالميا لا تشبه أية أزمة سابقة مرت على أي منا، ولا شك أنه سيكون لها آثار بعيدة المدى على الناس والشركات والمجتمع ككل. وتواجه صناعة إدارة الأصول أيضًا تحديات هائلة، حيث تسعى إلى الاستمرار في تحويل مدخرات العملاء إلى استثمارات. وربما لم تكن هذه المهمة بهذه الصعوبة ولا الأهمية من قبل، وستلعب الدروس التي تعلمناها خلال الظروف الحالية دوراً حيوياً في إعادة بناء العالم بعد انتهاء الجائحة، وأعتقد أننا على مستوى التحدي.

ويتعين علينا أولا أن نطرح بعض الأسئلة، ولعل أهم هذه الأسئلة على الإطلاق هو كيف ننظر إلى أنفسنا كصناعة. قدمت البنوك المركزية والحكومات حول العالم كل ما في وسعها لمحاولة تحفيز النمو وتخفيف الألم الاقتصادي الناجم على الأوضاع الحالية. ومن جهته، يجب على القطاع المالي الآن أن يفكر في كيفية لعب دوره، وما الذي يمكن أن تقدم عليه صناعة إدارة الأصول في هذه البيئة، سواء كملاك للأسهم، أو كمقدمين للأسهم أو للديون الجديدة، إذ سيكون كل ذلك في بؤرة الاهتمام ومحط الأنظار أكثر من أي وقت مضى.

وندين نحن والشركات التي نستثمر فيها بواجب تجاه مجموعة أوسع من “أصحاب المصلحة” وليس فقط المساهمين، ويشملون العملاء والمنظمين والمجتمعات التي تعمل من خلالها الشركات وتجذب موظفيها. في الظروف الحالية، تتركز الأنظار على تحقيق تلك المسؤولية الأوسع نطاقا.

وبالمثل، تعمل الجائحة الحالية كمسرع للاتجاهات الاقتصادية والسوقية والاجتماعية القائمة، وفي هذا السياق لا شيء أكثر أهمية من قضية الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ESG التي ستظل، في رأينا، في طليعة مهمة الاستثمار. كما يرغب عملاؤنا في تعقبها والتركيز عليها بشدة.

ابق متفاعلا

نقوم في “أبردين ستاندرد إنڤسمنتس” بالمشاركة والتفاعل المدروس مع الاستثمارات التي نمتلكها نيابة عن عملائنا، وقد يكون هذا السبب في النجاح والربحية التي حققناها خلال مسيرتنا الاستثمارية. وتشير التوقعات بالفعل إلى أن أرباح الشركات ستنخفض بمقدار الثلث، وقد يكون الرقم مغرق في التفاؤل، فالوضع قد يكون أسوأ من هذا.  وبالمثل قد تنخفض أرباح الأسهم بمعدل غير مسبوق، التي تعد أهم مؤشرات لتحليل صحة وفعلية أداء الشركة وإمكانياتها، حيث تقوم الشركات بادخار وحفظ مواردها النقدية والتفكير في مستقبل غامض.

يمكننا، كمستثمرين على المدى الطويل، مساعدة الشركات على التعافي والعودة إلى تحقيق الربح. فرغم كل شيء لا تتحول الشركات الجيدة لحالة سيئة بين عشية وضحاها. سنساعدهم خلال الأشهر القادمة على الانتقال “من هنا إلى هناك” أي من الخسارة للربحية. وكما رأينا خلال الأسابيع القليلة الماضية، أنه على الرغم من التقلبات الشديدة وانخفاض مستويات السيولة، ظلت أسواق الأسهم والسندات مفتوحة للشركات والمصدرين الذين لديهم خطط واستراتيجيات واضحة للخروج من المشكلات الحالية.

تحدث تحدث  تحدث

يجب أن تستثمر، خلال هذه الأوقات وكمدراء نشطين في إظهار قيمتنا وإثبات كيف يمكننا تلبية توقعات عملائنا، إذ يعد كل من التواصل والشفافية أمرين حاسمين.

وهذا يشمل تصحيح الأمور البسيطة؛ كأن نصارح عملاءنا بكيفية رؤيتنا للمشهد الاقتصادي والسوقي. قد تكون التوقعات الاقتصادية غير مؤكدة لكن الانفتاح والصدق بشأن النتائج المحتملة، وكيف نقوم ببناء المحافظ لتعكس هذه الاحتمالات أمرا بالغ الأهمية الآن.

 كما تتبدى الحاجة للاستمرار في الوفاء بواجباتنا والتزاماتنا عند النظر في الأسهم والديون والأصول الأخرى التي نستثمر فيها. وبينما تتغير الخلفيات والظروف الاقتصادية والسوقية، تبقى قيمة البحث الجيد المبذول لدعم الاستثمار أمرًا حيويًا، خاصة في عالم من المرجح أن يشهد المزيد من النفوذ من قبل الحكومات والشركات والأفراد.

اعمل بذكاء لا بجد

ستواجه العديد من القطاعات بالتأكيد تغييرات عديدة بمجرد خروجنا من هذه الأزمة، وسيكون أحد أكبر التحيات أمام قطاع إدارة الأصول قدرته على ممارسة عمله. لقد التزمنا بالعمل المرن، وغالبا ما سنستمر فيه، والواقع أننا جميعا نتواصل بطريق مختلفة سواء على مستوى الأسرة أو العملاء أو الأعمال والمجتمع، وأعتقد أن هذا الأمر سيستمر خلال الأشهر الصعبة القادمة.

كلمة أخيرة

نعيش في أوقات غير مسبوقة، ولم تنته الأزمة الحالية بعد، ولازال بانتظارنا العديد من التحديات. ويضعنا هذا الوضع أمام مسؤولية كبيرة بصفتنا الوصي على المدخرات وأصحاب الأسهم والديون، وبصفتنا أفراد ضمن مجتمعاتنا، لكني على ثقة من أننا على مستوى المهمة المقبلة.

(*) رئيس قسم الأبحاث في شركة “أبردين ستاندرد إنڤسمنتس” ASI البريطانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *