القدوة في اللقاح

القدوة في اللقاح

محمد اليامي (*)

عبارة وزارة التعليم القائلة، “على الإدارات ضرورة إعداد خطة زمنية لأخذ منسوبيها لقاح فيروس كورونا والتنسيق مع الإدارات الصحية”، يمكنني اعتبارها على المستويين الإداري والاتصالي ضعيفة نسبيا، وتمنيت أن الوزارة حددت سقفا زمنيا لإنهاء هذه الخطط الزمنية للتأكد من مقابلة موعد الأول من آب (أغسطس)، وكان بإمكانها أيضا الإعلان صراحة عن نياتها تجاه من لا يلتزمون بهذه “الضرورة”.

تابعت بدقة الردود على التغريدات الخاصة بهذا الإعلان، وكذا بعض الردود على إعلان الوزير تطورات العام المقبل، ووجدت أغلبية كبيرة منها تعترض على ما أسموه “اللقاح الإجباري”، وأتفهم أن يقود المعلمون والمعلمات حملة ضد العودة إلى الدراسة بشكل طبيعي، نظرا إلى الراحة التي تحققت لهم في التعليم عن بعد، لكن المشكلة أن كثيرا من المعارضين يغلفون اعتراضهم بالتشكيك في اللقاح، والتلميح لأفكار غريبة واجهتها الحكومة بالحلم والتوعية والتدرج.

المشكلة الأعمق في قراءتي لما يحدث هو لو كان هؤلاء المعلمون والمعلمات بالفعل مقتنعين بما يقولون، ويزمع بعضهم الاستمرار في معارضة اللقاح، لأن هذا يعني أنهم أسرى لطريقة تفكير معينة، وأنهم لا يثقون بوزارتهم ووزارة الصحة، وهو أيضا يعني أنهم لا يثقون بالعلم، ولا يحبذون التفكير بالطريقة العلمية.

كيف لهؤلاء البعض أن يسهموا في توسيع خيال أبنائنا وبناتنا، ويساعدوهم على اعتماد العقل أكثر من اعتماد النقل وهم أنفسهم مصابون بالتصحر العقلي إن صح الوصف، وكيف نثق بهم ومخيلتهم لا تزال تتغذى من جذور الشائعات والمؤامرات.

كنا نتفهم قليلا تردد البعض، وترددنا معهم في بداية الأمر، لكن اليوم، وبعد مرور كل هذا الوقت، وأخذ اللقاح من ملايين الناس، لا يمكن قبول هذا التسويف والتشكيك من المعلمين والمعلمات. أحسب أن علينا متابعة هذا الملف بدقة، لأن الأسئلة كثيرة هنا، ولعل أهمها: ماذا سينقلون للناشئة من أفكار تجاه هذه الجائحة، وتجاه اللقاح، سواء عادوا إلى الدراسة الطبيعية أو استمروا في التعليم عن بعد؟

أتمنى أن تنحى وزارة التعليم منحى أشد صرامة في هذا الملف، فسواء قررت العودة الكاملة أو الجزئية للدراسة، فيجب على منسوبيها، شأنهم شأن كل موظفي الدولة والقطاع الخاص الذين صدرت التعليمات بأخذهم اللقاح.

وأخيرا، لا بد من الإشارة إلى أن إدارات التعليم ليست بحاجة إلى كثير من التنسيق، فمن تجربتنا في القطاع الخاص، فإن وزارة الصحة تهب فورا لإقامة مركز لقاحات في أي موقع يستفيد منه الآلاف، هذا فضلا عن أن بلادنا وفرت مئات المواقع في كل أنحاء المملكة.

(*) كاتب اقتصادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *